انتباهة في الوقت الضائع
أيام الصيف وفي وقت الظهيرة حيث أشعة الشمس الحارقة، وفي الأفق وعلى مرمى البصر نرى خيالات متحركة، عندما نسأل عنها أباءنا يقولون (غنم إبليس).
بيوت القرية مستسلمة تماما لسهام الشمس، الشوارع خالية، لا تكاد تسمع همسا إلا صوت هؤلاء الصبية الذين يسبحون في الترعة التي تتوسط القرية، يقفزون من على جذع النخلة الذي يضعونه جسرا يربط بين شقي القرية، يتناثر الماء على إثر ارتطام أجسامهم به، يغوصون إلى طين القاع، تتفاقم الفقاقيع على سطح الماء، ثم تظهر رؤوسهم وهم يميطون الماء من على وجوههم في مكان آخر ويضحكون.
بعدما يجهدون، يخروجون حفاة، يرتدون ملابسهم، يجلسون على شاطيء الترعة حتى تجف ملابسهم.
جلس يستحضر هذه المشاهد من ألبوم ذاكرته، يرتدي رابطة عنقه، في مقابله زوجته، وبينهما مائدة الإفطار، ويقف على مقربة منهما الخادم، بزيه الرسمي، المعطف الأبيض والنطاق الأزرق وطاقية الطاهي، ومن أمامهما الأولاد بزي السباحة ونظارات الغوص، يصعدون سلم المنط ويقفزون في البيسين......
كمال، كمال ...
انتبه على صوت زوجته تناديه، معقبة: روحت فين، القهوة بردت، اتأخرت على المستشفى.
-رجعت لثلاثين سنة للوراء، لطفولتي، المنط كان جذع نخلة، والبيسين كان الترعة......
أنا لازم أذهب إلى القرية، لازم أزور أهلي وأصحاب الطفولة الذين لم أرهم من سنين، وآخذ أولادي معي ليروا منط وبيسين أبيهم، وأُقبِّل أهلي وأصحابي وأحتضنهم وأعتذر لهم عن نسيانهم طوال السنين التي مرت بدون أن أصلهم وأتواصل معهم........
وبينما هو يستعد لهذه الزيارة التي تأخرت كثيرا، تناولت نشرات الأخبار في القنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي أخبار انتشار ڤيروس كورونا، وفرض حظر التجوال، والتحذير من المصافحة والتزاور.
د. ابراهيم مصري النهر
أيام الصيف وفي وقت الظهيرة حيث أشعة الشمس الحارقة، وفي الأفق وعلى مرمى البصر نرى خيالات متحركة، عندما نسأل عنها أباءنا يقولون (غنم إبليس).
بيوت القرية مستسلمة تماما لسهام الشمس، الشوارع خالية، لا تكاد تسمع همسا إلا صوت هؤلاء الصبية الذين يسبحون في الترعة التي تتوسط القرية، يقفزون من على جذع النخلة الذي يضعونه جسرا يربط بين شقي القرية، يتناثر الماء على إثر ارتطام أجسامهم به، يغوصون إلى طين القاع، تتفاقم الفقاقيع على سطح الماء، ثم تظهر رؤوسهم وهم يميطون الماء من على وجوههم في مكان آخر ويضحكون.
بعدما يجهدون، يخروجون حفاة، يرتدون ملابسهم، يجلسون على شاطيء الترعة حتى تجف ملابسهم.
جلس يستحضر هذه المشاهد من ألبوم ذاكرته، يرتدي رابطة عنقه، في مقابله زوجته، وبينهما مائدة الإفطار، ويقف على مقربة منهما الخادم، بزيه الرسمي، المعطف الأبيض والنطاق الأزرق وطاقية الطاهي، ومن أمامهما الأولاد بزي السباحة ونظارات الغوص، يصعدون سلم المنط ويقفزون في البيسين......
كمال، كمال ...
انتبه على صوت زوجته تناديه، معقبة: روحت فين، القهوة بردت، اتأخرت على المستشفى.
-رجعت لثلاثين سنة للوراء، لطفولتي، المنط كان جذع نخلة، والبيسين كان الترعة......
أنا لازم أذهب إلى القرية، لازم أزور أهلي وأصحاب الطفولة الذين لم أرهم من سنين، وآخذ أولادي معي ليروا منط وبيسين أبيهم، وأُقبِّل أهلي وأصحابي وأحتضنهم وأعتذر لهم عن نسيانهم طوال السنين التي مرت بدون أن أصلهم وأتواصل معهم........
وبينما هو يستعد لهذه الزيارة التي تأخرت كثيرا، تناولت نشرات الأخبار في القنوات الفضائية ومنصات التواصل الاجتماعي أخبار انتشار ڤيروس كورونا، وفرض حظر التجوال، والتحذير من المصافحة والتزاور.
د. ابراهيم مصري النهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق