تأليف : أيمن دراوشة
شخصيات المسرحية :
1 ـ الأب الضرير : رجل طيِّب مؤمنٌ بالله , يحبُّ الناس , ويساعد المحتاجين.
2 ـ محمد : الابن الأكبر للرجل الضرير , نشأ على حبِّ الخير, ومخافة الله سبحانه وتعالى.
3 ـ خالد : الابن الأوسط للرجل الضرير , لا يختلف عن أخيه محمد من حيث حبِّ المعروف , والعمل الصالح , والتأثر بالأولياء الصالحين.
4 ـ سعيد : الابن الأصغر للرجل الضرير , وقد تأثَّر بوالده , وأخويه , فانعكس هذا على سلوكه.
5 ـ طفل صغير : وهو مَنْ أخبر عن وقوع الحريق في منزل جاره عثمان.
الفصل الأول
(يرفع الستار عن رجل ضرير كبير السن يصلي مع أولاده جماعة ، ويسلم الرجل الضرير يميناً ويساراً ، ويسلم أولاده بعده ).
(يتحدث الرجل مع أبنائه الثلاثة : محمد وسعيد وخالد)
الضرير: كيف حال جارنا حمد؟ فقد بلغني أنه مريض جداً ويعاني من هبوط في القلب بسبب مرض السكر.
محمد: لقد زرته اليوم يا أبي ، ووجدته بخير والحمد والشكر لله تعالى .
الضرير : حمداً لله الذي لا يحمد إلا سواه , فبيده وحده المرض والشفاء .
خالد: لقد رأيت يا أبي عمي حُساماً يجلس عند جارنا علي ولا يفارقه أبداً أثناء مرضه .
سعيد: ليس هذا فقط فقد أحضر عمي حسامٌ الطعام والدواء إلى حمد , وأشرف على عنايته ورعايته فترة طويلة .
محمد: هذا واجب على كل مسلم ، فقد أمرنا سبحانه وتعالى ورسوله الكريم بمساعدة الآخرين عند الضرورة .
الضرير: صدقت يا ولدي ، فالله في عون العبد , مادام العبد في عون أخيه.
سعيد: إنَّ مساعدة الآخرين بشتَّى الوسائل ضرورة في حياتنا الاجتماعية والحاجة إلى الآخر لابد منها وجارنا حمد رجل لا أسرة له ولا أهل , فهو في حاجة ماسة إلى العون والرعاية , فالمسلمون هم أهله في هذا الظرف الصعب .
خالد: لقد حث الإسلام على مساعدة الضعيف وإعانة المحتاجين وإمهال المُعْسِر , وزيارة المريض , وهداية الضال , قال تعالى :" وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان" صدق الله العظيم .
الضرير: أنا فخورٌ جداً بكم يا أولادي الأحباء , وأشكر الله سبحانه وتعالى الذي أنبت هذه البذرة الطيبة من الأبناء الصالحين .
سعيد: ونحن نفتخر بك أكثر يا أبي , فأنت نعم الرجل الصالح وسيرتك العطرة على كل لسان .
محمد: نحمد الله على ذلك , ولا ننسى أن مساعدة المحتاجين ما هي إلا صورة واحدة من صور التكافل الاجتماعي بين الناس .
خالد : ماذا تقصد يا محمد بالصور الأخرى ؟ فهل يوجد هناك غير مساعدة الجار وتقديم المعونة له .
محمد : أجل يا خالد.
خالد: وما هي هذه الصور؟
محمد: للتكافل الاجتماعي في الإسلام صور كثيرة , وكلها تصب في مصلحة المجتمع وخدمته ومن هذه الصور تكافل الأسرة وتكافل الأقارب فليس الأمر محصورا بين الجيران فقط.
الضرير : صدقت يا ولدي ولكن هناك صورٌ أخرى غير تلك التي ذكرتها .
سعيد: ما هي يا أبي ؟ فقد عرفنا الآن ثلاثاً من صور التكافل فقط .
الضرير : إضافةً إلى تكافل الأسرة والجيران والأقارب فهناك التكافل بين المجتمع.
سعيد : ما المقصود بتكافل المجتمع يا أبي ؟
الأب الضرير : أي التعاون على الخير والمحبة حرصاً على سلامة المجتمع , ووحدته وتماسكه.
خالد : ولهذا شبَّه الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) المجتمع الإسلامي بالجسد الواحد , فكما أنَّ الجسد كُلَّه يتألم إذا أصيب أحد أعضائه , فكذلك المجتمع المسلم يتأثَّر إذا أصيب أحد أفراده بسوء.
الأب الضرير : أحسنت يا بني على سعة اطِّلاعك .
سعيد : لقد عرفت الآن المقصود بالتكافل , فتكافل الأقارب يعني الإحسان إليهم جميعاً , ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم , وزيارتهم واحترامهم. وكذلك فهمت معنى تكافل الجيران , فلا نؤذهم بقول أو فعل , وعلينا تحمُّل أخطائهم , ونصون أسرارهم.
محمد : أحسنت يا سعيد , ولهذا قال الرسول في الجار " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنَّه سَيُورثه "
خالد : وجارنا حمد رجلٌ مؤمنٌ حقَّاً , والمسلم يشعر بآلام أخيه المسلم, ويساعده وقت الحاجة , ويعينه في السراء والضراء.
ستار
الفصل الثاني
(يسمع صوت سيارة إسعاف وأصوات عالية تصيح , حريق ... حريق... النجدة .. النجدة.. وفي هذا الوقت يدخل طفل صغير على الرجل الضرير وهو يقول :)
الطفل: لقد شبَّ حريق في بيت خالي عثمان .
(وفي هذه اللحظة يسرع أولاد الرجل الضرير لإخماد الحريق , محمد يحمل جرَّة ماء , وخالد يأخذ بطانية , وسعيد يحمل الرمل فيما يبقى الرجل الضرير في البيت .)
الضرير : اللهم خفِّف عن جارنا عثمان , ولا حول ولا قوة إلا بالله .
(يدخل أولاد الرجل الضرير وقد بدت عليهم علامات التعب والإرهاق , واسودت وجوههم بفعل الحريق)
الضرير: بصوتٍ عالٍ : أخبروني ماذا حصل بجارنا عثمان ؟ هل حدث له أيّ مكروه ؟ وكيف حال زوجته وأولاده؟
(الأبناء في صوت واحد) : كلهم بخير والحمد لله .
محمد : لقد كان إطفاء الحريق دليلاً على التعاون على البر والتقوى والتماسك القوي بين الجيران.
خالد : لقد تعاون الجميع ,التاجر حسن , والخياط عمر , والسائق بكر .
سعيد: ولا تنسَ جارنا النجار , وصديقه اللحام أبو عطية.
محمد: الحقيقة أنَّ كل الناس في الحي تعاونوا عل إطفاء الحريق.
الأب الضرير: أخبروني ما هي المساعدات التي قدمها هؤلاء؟
نحن يا أبي ساعدنا في إخماد الحريق بالأدوات التي أحضرناها.
أمّا جارنا النجار فقد أنقذ الأطفال , والخياط عمر أسعف الزوج والزوجة كونه يعرف بالإسعافات الأولية .
أمَّا اللحام أبو عطية فقد انتشل الأمتعة والملابس والأشياء الثمينة من خطر الحريق.
الأب الضرير: ومن الذي استدعى رجال الإطفاء؟
سعيد : إنه محمد يا أبي .
الأب الضرير : هل كانت الخسائر كبيرة ؟
محمد: لا, والحمد والشكر لله .
خالد: لماذا أراك حزيناً يا أبي ؟
الأب الضرير: إني حزين يا بني على جارنا عثمان فهو لا يستحق ما جرى له .
خالد: المسلمون أخوةٌ , وما أصاب جارنا عثمان كأنه أصابنا جميعاً.
سعيد: إذن , يجب أن نتعاون حتى نخفف من مصاب جارنا عثمان .
محمد: يجب أن نجمع له المال والطعام لمساعدته وأسرته.
الأب الضرير: قوموا يا أبنائي وأتموا واجبكم تجاه جاركم عثمان , وجهِّزوا له غرفة ليقيم فيها مع أسرته حتى يتم إصلاح بيته , وشاركوا الجيران في جمع التبرعات .
(يسمع صوت خلف الستار يتلو الحديث الشريف:(
"مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم , مثل الجسد : إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى."
الأسرة كلها : صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ستار

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق