بين العابرين
وفي عربة الرحيل الأخيرة
تتساقط منهم الأشياء
وكلما مددت يدي لشيء
يسقط منهم وإذا به جرح
ومرت من بوابة عمري كل جروح السنين
ترى يا أمي في المحطة
وعربة الرحيل الأخيرة
هل ظن العابرين
بأنني بحاجة إلى جرح كل يرمي جرحه
باب نزفي
ويدي المجروحة
تعجز الآن عن حمل جرح لعابر بين العابرين
إلى بوابة المعبر الأخير
بين العابرين
أحمل جروح وأحزان السنين
والنجمة الجريحة الساكنة
في أيام عمري
وفيّ ترفص أي جرح جديد
ترى يا أمي هل ظن العابرين
بأن نجمتي تجتاج إلى جرح جديد
كل عابر يلقي جرحه في طريقي
وأسمع صراخ نجمتي : يا نزف عمري
لا تمتد يدك إلى شيء
ليس فيه إلا جرح ونزف السنين
و جرحنا يتعب نجمة عمركَ
يكفيها آهات الليل الحزين
من شتاء جاء بالغيوم وبلا مطر طول فصول السنين
وأنت تمد يدكَ إلى جروح العابرين
وفي عربة الرحيل الأخيرة
وأموت فيكَ
وقلبك الآن
يعجز عن حمل يدكَ التي تحمل جروح العابرين
والسنين
الآن أخترت الرحيل
أخترت الغياب عن نزف السنين
أسمع نجمتي تبكي
وتصرخ: إنه لم يكن زمنا عشت فيكَ مرارة السنين
والآن تختار الرحيل
ترى هل تعبت من حملي
وأنا أقاسمك حزن السنين
لو أن لي يا نزفي مسكن يأويني غير جرحكَ
لقلت أرحل مع الراحلين
وأعبر مع العابرين
فهل ترحل وتتركني بأحزانك وحزن السنين
ويعاتبني نزفي
نجمتكَ كل ما تبقى لكَ
أرحل عنكَ ولا ترحل عن نجمتكَ
ولتكن أنت ونجمتكَ وجه الزمن
كيف حملتم حزن السنين
وكنتم وجها عرف أن العابرين
لا يلقون إلا جروح السنين
وفي طرق أيدي النازفين
قبل الرحيل الأخير
الآن أمي
تسألني عن نجمتي
أين صارت مع طول السنين
يا أمي
لو أن نجمتي عبرت لعبرت مع العابرين
ولست أنا من أتركها بحزن السنين
خلفي تحمل حزن عمري
وهي من حدثتني طول السنين
يرحل الشتاء
وتأتي الشمس بوجوه الزمن
ولا حاجة لنا بعربة رحيل
ونحمل كل جروح العابرين
قبل رحيلنا الأخير
الديوان لقاء مع الشاعرة فدوى طوقان
الشاعر قدري المصلح
قصيدة أمي ونجمتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق