الصفحات

الأحد، 18 فبراير 2024

قراءة نقدية للكاتبة / رانيا ثروت في قصة "عسل شهر و غربة دهر" للكاتب هيثم النوبي .





العنوان معبر ولكنه كاشف بصورة ما عن الأحداث...وأرى أنه أضعف من النص وربما لو تم إختيار عنوان آخر لأضاف للنص بعدا جديدا وعميقا وهي رؤيتي الغير ملزمة للكاتب البداية الوصفية كسرت سقف التوقع بحالة من البهجة والاستقرار التي تناقض مسار السرد والحبكة بعدها وهي بداية موفقة "ولم يبق له من رباط الزواج غير خيط رفيع يكاد أن ينقطع بإنقطاع اتصال زوجته " وصف موفق يبرز هشاشة العلاقة ويعزز السببية بداخل النص. مرارة الغربة تلخصت في مقطع "لما وصلنا إلى الغابة..." وهوتصوير بليغ ارتكز على التشبيه والكناية و على التضاد بين الحالة الحيوانية البهيمية والإنسانية عزز الصورة وأكد على المعنى. لوم الزوجة كان تعزيزا لرابط السببية التي ستؤدي للنهاية وتدفع مسار الأحداث وتثير الترقب والمتابعة لدى القاريء. وكذلك وصف حالة وفاء ونبل الزوج وتضحيته من أجل زوجته والإشارة إلى محنة من أهم المحن التي تواجه الوطن وهي حالة الإنقسام بين طلب الرزق الذي ضاق في ربوعه وبين الأسرة وحدة المجتمع التي انفصمت عراها بسبب الغربة والسعي المستمر على الرزق الذي أهلك الرجال وجعل البرودة والإهمال والحسابات المادية والبعد الذي يورث الجفاء يسري ويجعل حوائط منازلنا تتصدع وتنهار رويدا رويدا. النهاية جاءت مفاجئة ومريرة للغاية تؤكد على ظلم جميع الأطراف وعلى أوجاع لا حصر لها فالزوجة التي أصابها البرود الشعوري رغما عنها حتى لو أدركت تضحيات زوجها خسرت حياتها ونقمت على شريكها لعدم تواجده إلى جانبها في المحنة بالرغم من أن غيبته تلك من أجلها. وظلم للزوج الذي كان يرى أن غربته ومكابدة مشاقها وبعده عن حبيبته سيكون محل تقدير ونظر وأنه سيشفع له في غيابه لدي الزوجة لتصدمنا النهاية بحالة من التناقض بين مشاعر الزوج المشتاق المحب ومشاعر الزوجة التي أغتالت كل ذلك. النص حافل بالثنائيات الضدية وكذلك تحققت فيه عناصر الوحدة والسببية والحبكة المتقنة وكسر أفق التوقع من حيث المسار الدرامي للقصة وليس من حيث جدة القصة فهي من قصص المجتمع المرة. كان أسلوب الكاتب سلسا ماتعا بسيطا مع أنه محمل بعمق المعنى وغزارة تأثيراته على الصعيد النفسي للمتلقي.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق