الصفحات

الثلاثاء، 24 مايو 2022

إعراب سورة الطارق د.أيمن دراوشة

 إعراب سورة الطارق

إعداد :
د.أيمن دراوشة


قال تعالى : " والسماء الطارق "

والسماء خفض بالقسم ، " والطارق " عطف عليها من قولهم طرق طروقا إذا أتى ليلا (1) ، وأعرب ابن خالويه (2) قوله تعالى " والطارق " الواو حرف نسق ، والطارق جر نسق بالواو على السماء.
أما قوله تعالى " وما أدراك ما الطارق " (3)
" وما " : الواو حرف نسق.
" ما " : لفظه لفظ لاستفهام ومعناه التعجب ، وما لا صلة لها هنا ، وكذلك إذا كانت شرطا أو تعجبا.
أدراك : فعل ماض ، والألف ألف قطع ، والكاف في موضع نصب.
ما الطارق " ما " تعجب في معنى الاستفهام ، وهو رفع بالابتداء والطارق خبره ، والتقدير ما أدراك يا محمد أي شيء الطارق.
وجاء في تفسير التحرير والتنوير (4) " وما أدراك " استفهام مستعمل في تعظيم الأمر.
أما قوله تعالى " النجم الثاقب " فيرى الشيخ ابن عاشور (5) أن النجم : خبر عن ضمير محذوف تقديره هو ، أي الطارق النجم الثاقب. ولابن خالويه (6) في إعرابها رأي آخر فيقول :
النجم : رفع بدل من الطارق والثاقب : رفع صفة للنجم ، وأجاز النحاس (7) أن يكون الثاقب نعتا للطارق.
أما قوله تعالى " إن كل نفس لما عليها حافظ" ، فقد برز اختلاف في إعرابها بين العلماء ، فعلى رأي ابن خالويه (😎 " إن" : بمعنى ما ، كقوله : " إن ِ الكافرون لفي غرور" فإنْ بمعنى ما. وهو جواب للقسم و " كل " رفع بالابتداء . و " حافظ " خبره . والتقدير إن كلُّ نفس إلا عليها حافظ. هذا في قراءة من قرأ لما بالتشديد وهي قراءة أهل الكوفة. ومن قرأ لما بالتخفيف تكون " ما " صلة ، والتقدير إن كلُّ نفس ٍ لعليها حافظ.
وقال الشيخ ابن عاشور (9) على قراءة تخفيف الميم تكون ( إنْ ) مخففة من الثقيلة و " لَمَا " مركبة من اللام الفارقة بين " إنْ النافية " و " إنْ " المخففة من الثقيلة ومعها " ما " الزائدة بعد اللام للتأكيد. وأصل الكلام : إنْ كل نفس لعليها حافظ. وعلى قراءة تشديد الميم تكون " إنْ " نافية ولمَّا حرف بمعنى إلا فإن " لَمَّا " ترد بمعنى إلاَّ في النفي والقسم.
ويرى صاحب التبيان (10) أنَّ الآية الكريمة جواب القسم " إن كل نفس " وإنْ بمعنى ما. ولما بالتشديد بمعنى إلاَّ ، وبالتخفيف " ما زائدة " ، وإنْ هي المخففة من الثقيلة ؛ أي كل نفس لعليها حافظ متفقا في إعرابها مع ابن عاشور(11)
( وقد قرأ أبي عمرو ونافع والكسائي ، " إنْ كلًّ نفس لما عليها حافظ " وقرأ أبو جعفر والحسن " إنّ كلُّ نفس لما عليها حافظ ". قال أبو جعفر : القراءة الأولى بينة في العربية تكون ما زائدة و " إنْ " مخففة من الثقيلة هذا مذهب سيبويه ، وهو جواب القسم ، والقراءة الثانية تكون " لمّا " بمعنى إلَّا عليها. قال أبو جعفر : حكى سيبويه أقسمت عليك لمّا فعلت ، بمعنى ألَّا فعلت ، حافظ : مبتدأ وعليها : الخبر. ويجوز أن يرتفع حافظ بالظرف ( 12)

ويقول أبو حيان الأندلسي (13) عند الكوفيين أن نافية واللام بمعنى ألا وما زائدة ، وكل وحافظ مبتدأ وخبر. وذكر المنتجب (14) " إن كل نفس لما عليها حافظ " هي جواب القسم.

أما قوله تعالى " فلينظر " ، فيرى ابن خالويه (15) أنَّ الفاء حرف نسق ، وتكون جوابا لكلام متقدم و " لينظر " مجزوم بلام الأمر ، والأصل فلِينظر بكسر اللام وإنما أسكنت اللام لاتصالها بالفاء تخفيفا ، وكذلك إذا تقدمها واو جاز الإسكان والكسر.
وقال ابن النحاس (16) فلينظر الإنسان من نظر القلب والأصل فلينظر حذفت الكسرة لثقلها وجزم الفعل بلام الأمر وكسرت الراء لالتقاء الساكنين.
أما قوله تعالى مم خلق : الأصل مما حذفت الألف لأنها استفهام وتم الكلام.
وقال الشيخ ابن عاشور (17) و " مِنْ " من قوله " مم خلق " ابتدائية متعلقة بـ " خُلق " والمعنى : فليتفكر الإنسان في جواب : ما شيء خلق منه ؟ فقدم المتعلق على عامله تبعا لتقديم ما اتصلت به من " من " اسم استفهام و " ما " استفهامية علَّقت فعل النظر العقلي عن العمل. وحذف ألف " ما الاستفهامية " على طريقة وقوعها مجرورة.
وذكر ابن النحاس(18) في إعرابها : أنَّ الأصل من ما خلق فأدغمت النون في الميم ، وحذف الألف من " ما " في الاستفهام مع من وعن. الإنسان : رفْعٌ بفعله . خُلق : فعل ماض وهو فعل ما لم يُسمَّ فاعله.
وقال أبو حيان الأندلسي(19) إعرابها : " مم خلق " : استفهام ومن متعلقة بخلق والجملة في موضع نصب بفلينظر وهي معلقة وجواب الاستفهام وما بعده وهو خلق من ماء دافق.
أما قوله تعالى : " خلق من ماء دافق " الماء الدافق فاعل في اللفظ مفعولٌ في المعنى ، ومعناه من ماء مدفوق أي مصبوب (20) ( وعن الفراء : أهل الحجاز يجعلون المفعول فاعلا ، إذا كان في طريقة النعت. وسيبويه جعله من صيغ النسب والأحسن أن يكون اسم فاعل ويكون دفق مطاوع دفقه )(21)
وقال العكبري (22) دافق على النسب ، أي ذو اندفاق . وقيل : هو بمعنى مدفوق وقيل : هو على المعنى ؛ لأن اندفق الماء بمعنى نزل.
وقال النحاس (23) قال أبو جعفر : قول الكسائي والفراء إنَّ معنى دافق مدفوق. قال : وأهل الحجاز أفعل الناس لهذا يأتون بفاعل بمعنى مفعول إذا كان نعتا مثل : " ماء دافق ". قال أبو جعفر : فاعل بمعنى مفعول فيه بطلان بيان ولا يصح ولا يقاس. ولو جاز هذا لجاز ضارب بمعنى مضروب. والقول عند البصريين أنه على النسب.
أما قوله تعالى " يخرج من بين الصلب " ( فزعم الفراء أن معنى بين الصلب والترائب من الصلب والترائب لا يجعل بين زائدة ولكن كما يقول : فلان هالك بين هذين) (24)
والصلب (25) : جر بإضافة البين إليه وأهل الكوفة يسمون" بين " حرف جر. وهذا غلط ، ولو كان حرف جر ما دخل عليه حرف جر ، لأن الحروف لا تدخل على الحروف فتعربها.
الترائب : نسق على الصلب بالواو.
أما قوله تعالى " إنه على رجعه لقادر " (26) فالهاء في " رجعه " تعود على الإنسان فالمصدر مضاف إلى المفعول ، أي الله القادر على بعثه. فعلى هذا في قوله تعالى " يوم تبلى السرائر " أوجه :
أحدها : هو معمول " قادر " والثاني على التبيين ؛ أي ترجع يوم تبلى والثالث تقديره : اذكر. ولا يجوز أن يعمل فيه. رجعه للفصل بينهما بالخبر . وقيل : الهاء في " رجعه " للماء ؛ أي قادر على رد الماء في الإحليل أو في الصلب ، فعلى هذا يكون منقطعا عن قوله تعالى : " يوم تبلى السرائر " فيعمل فيه اذكر. ويرى الزمخشري(27) أن " يوم تبلى " منصوب برجعه ومن جعل الضمير في رجعه للماء ، وفسره برجعه إلى مخرجه من الصلب والترائب أو الإحليل أو إلى الحالة الأولى نصب الظرف بمضمر" السرائر" ما أسر في القلوب من العقائد.
وقد اختلف العلماء في ضمير " رجعه " ( فمن أصح ما قيل فيه قول قتادة قال : على بعثه وإعادته فالضمير على هذا للإنسان (28) وورد في تفسير النهر الماد من البحر المحيط (29) أن الضمير في إنه للخالق لدلالة خلق عليه ومعناه : أن ذلك الذي خلق الإنسان ابتداء من نطفة " على رجعه " على إعادته خصوصا " لقادر " أي لا يعجز عنه. ويشترك الشيخ ابن عاشور (30) مع أبي حيان الأندلسي فيعيد الضمير في إنه إلى الله سبحانه وتعالى ، ويعيد الضمير في قوله تعالى " فما له من قوة ولا ناصر" إلى الإنسان والمقصود المشركون.
ويرى ابن خالويه (31)أنَّ الفاء في قوله تعالى " فما له " تكون جوابا ونسقا . و " ما " جحد بمعنى ليس. و " له" الهاء جر باللام الزائدة . " ولا ناصر" " ولا " حرف نسق وناصر جر نسق وناصر جر نسق على قوة فالفاعل ناصر ، والمفعول به منصور . أما قوله تعالى " والسماء ذات الرجع " فيقول : والسماء : جر بواو القسم. ذات : نعت للسماء ، والرجع جر بذات. أما قوله تعالى " إنه لقول فصل " فيعربها جوابا للقسم مشتركا في رأيه مع النحاس (32) لقول : اللام لام التأكيد و " قول " رفع بخبر إن. والهاء اسم إ إنَّ. وفصل نعت للقول (33)
ويرى الشيخ ابن عاشور (34) في قوله تعالى " إنه لقول فصل " الضمير الواقع اسما لـ إنَّ عائد إلى القرآن.
أما الآية الكريمة " وما هو بالهزل " فيرى ابن خالويه (35) أنَّ الواو في وما حرف نسق و " ما " جحد بمنزلة ليس ترفع الاسم وتنصب الخبر إذا لم تكن في خبرها الباء.
" هو " رفع بما وبالهزل خبره ، ويرى في إعراب قوله تعالى " إنهم يكيدون كيدا " إنَّ : حرف نصب والهاء والميم نصب بإنَّ. " يكيدون " : فعل مضارع وهو خبر إنَّ والواو ضمير الفاعلين والنون علامة الرفع ، وفتحت النون لالتقاء الساكنين وكيدا نصب على المصدر.وقال في إعراب " فمهل " موقوف لأنه أمر ، ومجزوم في قول الكوفيين. وهما لغتان مَهَّل وأمهل.
الكافرين : مفعول بهم وهكذا وردفي المصدر. وأمهلهم : أمر تأكيد للأول والهاء والميم مفعول كناية عن الكافرين.
رويدا : نصب على المصدر والأصل إروادا. فرُويد تصغير إرواد . فيما يرى العكبري أنّ تصغير إروادا هو رُود (36) وهو اسم مصدر وقياس مصدره رَوْد بفتح الراء وسكون الواو وهو المهل وعدم العجلة (37)
( ويجوز أن يكون رويدا اسم فعل أمر كما في قولهم رويدك ، لأنَّ اقترانه بكاف الخطاب إذا أريد به اسم للفعل ليس شرطا ، ويكون الوقف على قوله " الكافرين " و " رويدا " كلاما مستقلا ) (38) وممكن أن يكون رويدا نعت لمصدر محذوف ، أي إمهالا وهذا رأي العكبري (39) ويتوافق رأيه مع النحاس (40) فيما يرى أبو حيان الأندلسي (41) أنّ مصدر أرود يرود إذ أصله أروادا ، وقيل هو تصغير رود أي على مهل اتفاقا مع العكبري(42) ويستعمل مصدرا نحو رويد عمرو بالإضافة أي إمهال عمرو ونعتا لمصدر نحو ساروا سيرا رويدا أو حالا نحو سار القوم رويدا ويكون اسم فعل بمعنى أمهل (43).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق