الصفحات

السبت، 5 سبتمبر 2020

فزع الصمت .. بقلم جيهان عجلان

 


كان دائما شديد التحمل يتصدى بأضلعه كل ضربات القسوة الموجهة لقلبه بلا رحمة ولا التفات ، لم يضجر يوما من هؤلاء القاسية قلوبهم، فهو المُعطي دائما يأخذ منه الجميع كل شيء قابل للأخذ ، لم يسأله أحد يوم ماذا أنت تريد ؟هو لم يطلب ليس لأنه لا يريد  ، بل كان يريد العطاء بلا طلب كما اعتاد أن يعطهم ورغم أنه لم يكن منتظرا لأى مقابل لما يعطي فقط أراد أن يرى في أعينهم كم هم لا يطيقون الحياة بدونه لأنهم بوجوده أقوياء ، حتى هذا بخلت به أعينهم وغلظت به قلوبهم القاسية ، تحمل كل الضربات القاسية من أقرب من هم له كقرب القلب من الضلوع، لم يُسْمعهم يوما أنين تلك الضربات القاتلة  التي كانت تصيبه بفزع أرجائه وتقتل فيه كل مرة صفة من أجمل المعاني ، كان صمته فقط لأنه  يحبهم لحد لا نهاية فيه ، لم يسمعوا يوما لصراخ آنينه  الصامت الذي كانت تفضحه عيناه الحزينة، وصمته الدائم في وسط ضجيجهم وكأن كل شئ بداخله يخبرهم أنه في أشد الحاجة لضمه والهمس لقلبه اطمئن نحن معك لا تخشى ظلام وحدتك ، لا تخاف يوما تتعثر فيه قدميك سنكون لك المتكأ ،  تحمل أكثر من قدرة التحمل، وحملوه أكثر وأكثر وكأن ذلك كان حقا مكتسبا لهم ، لم يدروكون أنه كان الحب فى كل المعاني، لم يخطر ببالهم يوما أن هذا العطاء سينضب موتا وهذا الصبر سيأتي عليه يوم ويرحل بلا رجوع ،صارخا بكل ما فيه من معاني الوجع معلنا بعد كل هذا العمر اكتفيت وجعا  !أين أنا منكم ؟أين أنا من نبضكم القاسي أين أنا من تلك الحياة؟ فيفزعهم جنون صمته الصارخ وكأنهم يتعرفون عليه لأول مرة يتسألون ماذا بك  ؟ تدوي أصواتهم كالصراخ المجنون فى أذنيه لم يعد يسمع لم يعد يريد البقاء ،يزفه هذا الضجيج وكأنه يهرب من فزع ملامحه كشبح الليل الأسود

يتمتم بحروف متلعثمة لم يفهموه ،لم يدركوا وجعه ، كانوا فقط منه يأخذون كل شئ، ولا يعطونه إلا الإهمال والفقد ، وعندما زلزلهم هذا الصراخ الصامت وهذا الفزع الذى اجحظ عينيه ، عرفوا وقتها أنها لحظات ويشهق الموت في حلقومه ، حاولوا أن يخبروه ببعض كلمات تهون عليه،ولكن هيهات والروح بالحلقوم تصرخ صرخة الموت ، عرفوا أن الوقت قد فات ولن تشفع لهم الدمعات الزائفة وصراخاتهم المفزوعة فهو لم يعد يسمعهم .


 "فزع الصمت "

رفيف العشق

Ĝèĥan Ąĝĺan#

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق