الصفحات

الاثنين، 1 يونيو 2020

كيف تقي نفسك من الكسر ؟! .. بقلم علي مهران

كيف تقي نفسك من الكسر ؟!
الحل يكمن في نون الوقاية .
 وما نون الوقاية ؟!
هلم معي نسمع الحكاية .
كان في الزمن الغابر ظاهرة أهلية ، يتم فيها استنفار الأهل والأحباب ،  بعضهم يجاور البعض ، عند حدوث تلك الظاهرة ، ألا وهي ظاهرة خسوف القمر ، فالكل حينئذ يستنفر ، و يكثر ذلك في الأماكن الشعبية ، خاصة القري  ، ففي إحدى القري بصعيد مصر في مستهل العقد السابع من القرن العشرين ، في ليلة التمام ، فالقمر يبرق في السماء ، مما جعل الارض ساحة عرس وفرح ؛ فدفع الأهل إلى أن يتسامروا ، ويسعدوا برؤية القمر ، فهي طريقتهم المثلى ، ومبتغاهم للإنارة  خاصة في الصيف والاعتدالين ( الربيع والخريف ) ، فتلك الاوقات تدفع الناس دفعا للخروج من البيوت الضيقة ، المظلمة ليلا ، الرفاق يتسامرون ، الرجال في ركن ، والنساء في شلغل آخر ،فالعادات عندهم  ،تنفر من الاختلاط ، فجأة ،دون سابق إنذار ، حدث للقمر خسوف ، فماجت القرية عن بكرة أبيها صغارها ، وكبارها ، نساؤها ورجالها ، كلٌ له طريقته  الخاصة في التعبير  ، عما يدور بداخله  ، فهذا يبكى ،  وهذه بكل طاقتها   تزغرد ، وهذا ينشد  ، وذاك يبتهل لله ، مخافة أن يحل بساحتهم عقاب جماعي ، والنساء يقبضن بالأواني ، وبقوة روحية مستمدة ، تردد النساء يعزفن الأغاني والأناشيد ، وكأنهن يشاركن القمر في ألمه  ، وحزنه ،  فقالت إحداهن في نبرات حزينة ، والدموع تنهمر : لقد حانت  الساعة  ، وسيموت القمر ، ونحن نتبعه ، والصغار يرقصون ليخففوا آلام القمر ، طال بالأهل السهر ، وكأن القمر استشعر بمشاعر الأهل فانجلي ، وقال : ها أنا ذا ، بخير وعافية، كم أسعدني وقوفكم بجواري!  تشاركونني ألمي ، لا تقلقوا يا أحباب لن أترككم ، فزاد الحبور وغلت القدور بالأكل والشراب وأكمل الأحباب السمر ، وذابت المخاوف كذوبان الشربات ( العصائر) في الماء ، وتناثرت الحلوى فزادت البهجة وكانت ليلة من ليالي العمر ،
الشيخ جاد شيخ الكتاب ،  واصل مع الأهل السمر ، وأراد أن يوضح لهم أمرا .
الشيخ جاد :  يا أحباب ، الموت بيد الله لا بيد القمر ، والساعة علمها عند الله ، وقد قال الله : " يسألونك عن الساعة أيان مرساها قل إنما علمها عند ربي لا يجلّيها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة يسألونك كأنك حفي عنها قل إنما علمها عند الله ولكنّ أكثر الناس لا يعلمون ( 187) " الأعراف ،  فلا يضرنّكم القمرولا ينفعكم ، واجعلوا لأنفسكم وقاية  ، فالوقاية من عاقبة  الذنوب الاستغفار والرجوع إلي الله - تعالى - خير وقاية ، وقد جعل الله للأمة أمانين من العقاب الجماعي فقال الله :  - تعالى - " وما كان الله  ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون "، وبمناسبة الوقاية ، سأحدثكم عن نون الوقاية .
فكري : وما نون الوقاية يا شيخ ؟!
الشيخ جاد : هي النون التي تسبق ياء المتكلم ، فهي أتت لتقي الفعل من الكسر ، والكسرة العلامة أصلية للجر، والفعل لايجر، كما أن الاسم لا يجزم ، وتلك ثوابت للغتنا الجميلة ، وتكون نون الوقاية - يا أحبابي - واجبة في الماضي والمضارع والأمر على السواء ، والأمثلة على نون الوقاية باختلاف صيغ الفعل .
" يحفظني ، احفظني ، حفظني ، يحفظونني ، لم يتركوني "
قال فريد : يا شيخ هل تدخل نون الوقاية علي الفعل فقط ؟
الشيخ جاد : تدخل على الحروف مثل ( من ، عن ) وجوبا لمنع  التقاء الساكنين
مثل  "منّي ، عنّي " لأن الياء  ساكنة ، والنون  في " من  ، عن " ساكنة
والقاعدة تقول : " لا يلتقي ساكنان ، ولا نبدأ بساكن " .
قصدي : هل لها أمثلة أخرى يا شيخ ؟!
الشيخ : ( ن ) الوقاية تدخل  جوازا  على الحروف المشبة بالأفعال " ليت ، لعل "
 تكثر مع ليت ( ليتني ) قال الله : - تعالى - " فأجاءها المخاض إلى جزع النخلة قالت ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا "
وتقل مع لعل ( لعلي ) وقال الله : - تعالي - في ذلك " وهل أتاك حديث موسى
( 9 ) إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى ( 10 )"
قال بدر هل يجوز حذف ياء التكلم يا شيخنا ؟
الشيخ : نعم يجوزحذف ( ي) المتكلم ،  وتكسر(  ن ) الوقاية مثل قول المولى - عز وجل - "وإذا مرضت فهو يشفينِ "
شكر الحضور الشيخ جاد لحسن الإفادة ، وطلبوا منه تكرار جلسات العلم ؛ لتستبين الأمور ؛ فتعم الفائدة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق