الصفحات

السبت، 7 ديسمبر 2019

بيت المال نشأته وتطوره من القرن الأول حتى القرن الرابع الهجري



كتب : أيمن دراوشة

المقدمة
بيت المال عند المسلمين، الدار التي يُحتفظ فيها بأموال الأمة التي للإمام التصرف فيها أو حيازتها لأهلها. وقد نشأ بيت المال منذ أيام النبي  صلى الله عليه وسلم ، فقد وضع على الأموال أمينًا. ووضع صاحب جزية وصاحب عُشْر وصاحب خراج وعامل زكاة وخارصًا (مخمِّنا) وعيّن خَزَنة وضرب المكاييل.
وفي عهد عمر رضي الله عنه دُوّنت الدواوين لاتساع رقعة الإسلام وكثرة الأمة وتشعب الاحتياجات. فوضع ديوان الأنساب، وديوان الجند، وديوان الجزية، وديوان الخراج، وديوان الصدقات.
وبعد انتشار الإسلام في الشام والعراق نشأ ديوان الاستيفاء وجباية الأموال. وكان ديوان الشام بالرومية وديوان العراق بالفارسية.
ومن أهم موارد بيت المال: الفيء، وخمس الغنيمة، والعُشور، والجزية والصدقات والخراج والمال الذي لا وارث له والمصادر العامة (المعادن ونحوها).
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن تناول هذا الموضوع يعد من المواضيع الشائكة والمعقدة لندرة مواده المتناثرة في بطون وثنايا المصادر ، وقد اعتمدنا في دراستنا الموجزة على كتاب :
( بيت المال نشأته وتطوره من القرن الأول حتى القرن الرابع الهجري)  لمؤلفته خولة شاكر الدجيلي.
                                       
تأسيس بيت المال وتطور السياسة المالية:

ذكرنا في المقدمة أن تأسيس بيت المال كان نتيجة الفتوحات الهائلة التي تحققت للمسلمين ، فكان لا بد مـــن وسيلة لحفظها ، فأسس
" بيت المال " وهو المصطلح الذي أطلق على المؤسسة التي قامت بالإشراف على ما يرد من أموال وما يخرج منها في أوجه النفقات المختلفة وحينما نضجت النظم الإدارية والمالية في العصر العباسي أصبح بيت المال يشرف على الرقابة المالية ، وكذلك المعاملات المتعلقة بالمصروفات وقد سمي بيت المال بالبيت السامي لأنه "أصل الدواوين ومرجعها إليه" وهو بهذا يشبه وزارة المالية في الوقت الحاضر ، وصاحبه يقوم بمهمة وزير المالية ، وبتعبير آخر الخزانة العامة

وتتكون الأموال التي يستحقها المسلمون من ثلاثة موارد هي : الفيء ، والخمس من الغنيمة ، والصدقة ( الزكاة )



تطور بيت المال والتنظيم المالي
أ- في عهد الراشدين :
تكونت نواة بيت المال في عهد الخليفة أبي بكر الصديق بفضل فتح بعضاً من أقاليم بيت الشام والعراق ، وازدادت الأموال الواردة للمدينة ، " وقيل أن أبا بكر سبق عمر في ترتيب بيت المال " ، وازدادت حركة الفتوح في عهد عمر بن الخطاب ، وكان من الطبيعي احتكاك العرب بشعوب هذه الأمم وبتنظيماتها الحضارية.
وهكذا تطور بيت المال حتى آخر الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكان طبيعياً أن يشهد بيت المال تطوراً ملحوظاً بتعاقب الخلفاء الراشدين.
ب- في عهد الأمويين :
بقيت في العراق والشام بنتيجة الفتح أراض شاسعة بدون مالك وهي الصوافي ، فلما جاء معاوية بن أبي سفيان ، قام بفصل الصوافي عن بيت المال وجعلها للخليفة  وحدثت تطورات هائلة في بيت المال في عهده كزيادة الجزية وإرجاع بعض الضرائب الساسانية ، كما كان أول من أخذ الزكاة من الأعطية وعمل على تطوير هائل في بيت المال فزاد من الجزية ، وكذلك فعل عبد الملك بن مروان ، وعمر بن عبد العزيز في التطوير والتعديل.




جـ- في عهد العباسيين :
وجه العباسيون عنايتهم إلى السواد ، واستحدث المنصور فرض على الحوانيت خراجاً ، فقد أمر بإخراج الأسواق من مدينته إلى جهة الكرخ ، ووضع عليها الضريبة. كما أوجد المهدي دواوين الأزمة الذي يشبه ديوان المحاسبة اليوم وقد أثرت الأحداث السياسية كثيراً على النظم المالية آنذاك ، وازدادت الأمور سوءاً بتولي المطيع الخلافـة عام 334هـ.

إدارة بيت المال:
يعد ديوان بيت المال من أهم دواوين الدولة ، ولما كان الخليفة هو مصدر جميع السلطات ، وعنه تصدر جميع الأوامر الخاصة بشؤون الدولة فقد كان له حق التصرف المطلق بأنواع الدخل ، ويبدو هذا واضحا في ضروب الإسراف المفرط ، وكذلك بناء القصور والبساتين وفي الهبات التي تثير العجب إضافةً للحفلات والمناسبات وغير ذلك من ضروب الإسراف والتبذير.

ميزانية بيت المال
- الواردات ، وأهمها الفيء وهو كل ما وصل من المشركين عفواً دون قتال ، ولا بإيجاف خيل ولا ركاب وكذلك الخراج أي: خراج الأرض والجزية وهي الأموال المأخوذة من أهل الذمة والزكاة ، والعشور وهي الضريبة المفروضة على الأموال التجارية الصادرة والواردة إلى الدولة الإسلامية والمواريث وريع المنشآت العامة.


- المصروفات وأوجهها :
 العطاء والأرزاق والنفقة على المنشآت العامة والخدمات العامة ، والنفقات العسكرية والخدمات السرية.

وظائف بيت المال:
لبيت المال وظائف عديدة نوجزها بما يأتي :

أولاً : الوظائف الدينية :
1- مال المسلمين ومال الخليفة حيث التفريق بينهما بقي في عهد الخلافة الراشدة حتى جاء خلفاء بني أمية فلم يعطوها أية أهمية.
2- إشراف القاضي على بيت المال وللقضاء علاقة بحراسة وإدارة بيت المال.
3- أموال اليتامى والأوقاف.
4- الصدقة لفقراء أهل الذمة.

ثانياً : الوظائف المالية :
1- بنك الدولة فهو بمثابة " البنك المركزي "
2- التسليف الزراعي والتجاري.
3- المعاملات المالية حيث ازدهرت حركـة الجهبـــذة منذ حوالي القرن الرابع الهجري بسبب توسع التجارة بالإضافة إلى ازدهار الصيرفة.



(1) خولة شاكر الدجيلي ، بيت المال نشأته وتطوره ، مطبعة وزارة الأوقاف – بغداد ،  1976م ، المقدمة ،  ص5.

     (2) الحسن بن عبد الله ، آثار الأول في ترتيب الدول ، بولاق-1295  ، ص74.

     (3) أبو العباس أحمد ، صبح الأعشى ، ج1  (القاهرة- 1913) ص413.
     ( 4 ) ابن خلدون ، ج2، ص18.
     ( 5 ) الماوردي ، الأحكام ، ص202-203 .
     ( 6 ) الطبري ، ج3 ، ص586 ، أبو عبيد ، ص399.
     ( 7 ) اليعقوبي ، تاريخ ، ج2 ، ص169.
     ( 8 ) القلقشندي ، مآثر ، ج1 ، ص304.

    ( 9 ) إبراهيم جابر الجابر ، النقود العربية الإسلامية ،  ج2 المجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث ، الدوحة ، 2003م ، ص45.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق