الرواية العربية بين الإبداع والتجارة
كتب .. أحمد بدري
تعاني الرواية العربية في السنوات الأخيرة من حالة من التخبط والتذبذب رغم التطور الواضح في آليات واتجاهات أدب كتابة الرواية، وبطبيعة حال يأتي هذا التخبط نتاجا للوضع السياسي والاجتماعي المشتت الذي تمر به أغلب الدول العربية خاصة تلك التي لفحتها خماسين الربيع العربي، فتولدت نتاج تلك الحقبة مشكلات إجتماعية وسياسية الهمت جيل الكتاب الحاليين، تلك المشكلات التي لم يكن لها وجود على أرض الواقع في حقبة الخمسينيات والستينات العصر الذهبي للأدب المعاصرفعلى حين جائت أغلب كتابات جيل الرواد متضمنة في أغلبها قضايا سياسية وقومية بنكهة رومانسية أحيانا وفلسفية أحيان كمعظم أعمال أديب نوبل الخالد، والتي كانت أعماله متأثرة بوضوح بالمناخ السياسي المصري والمنطقة العربية التي كانت تنفض غبار الإستعمار تباعا،سنجد الملاحظ في حقبة التسعينات وماتلاها ظهور أنماط جديدة من الرواية العربية لم تكن موجودة أو مزدهرةفقد ألقت ثورة المعلومات والتواصل وثقافة العولمة بظلالها على الإنتاج الأدبي العربي فإزدهر أدب الرعب والفانتازيا والرواية الفلسفية والتاريخيةولكن مع هذا التنوع والثراء في موضوعات الرواية العربية. والذي نتج عن التأثر الواضح بالرواية الغربية. فهناك بعض الآثار السلبية التي شوهت وجه الرواية بقواعدها الرصينة وتقاليدها الثابتة، وبرزت على السطح بعض العناصر الدخيلة والتي للأسف تجد من يدافع عنها ويضع اكواما من التبريرات لوجودها ويمكن حصر تلك العناصر في ثلاث نقاط
أولاً ذلك المزيج الشنيع من اللغة العربية واللهجات العامية في كتابة الرواية. بدأت تلك الطريقة في الظهور والتبلور في العشر سنوات الأخيرة بحجة التيسير على القاريء الذي قد يجد صعوبة ما في قراءة الأعمال المكتوبة باللغة الأم وهو لعمري عذر أقبح من ذنب وتفريغ للرواية من مضمونها اللغوي والبلاغي الذي هو من أهم عناصرها، ناهيك عن تدني الحس الإبداعي وتحولها لنوع من السيناريو السينمائي
ثانيا. إتجاه عدد كبير من الكتاب للكتابة عن الجنس كغريزة أكثر من كونه قضية مجتمعية. والتوصيف الفج للمشاهد الجنسية بلا داعي أو ضرورة حتمية تفرضها صيرورة أحداث الرواية بحجة الإهتمام بالتفاصيل، الأمر الذي يجعل ذلك النوع من الروايات يشكل خطرا على القراء المراهقين خاصة بما تثيره من خيالات جنسية وتحريض مستتر على الرذائل
ثالثا. ميل قطاع كبير من كتاب الرواية إلى إنتقاء بعض المواضيع التي تثير البلبلة والتي صارت ظواهر إجتماعية في مجتمعاتنا العربية مؤخرا كظاهرة الإلحاد وصراع الأديان والمثلية وهي موضوعات شديدة الحساسية وتحتاج لمزيد من البحث والتعمق وتناولها بتسطيح وبوجهة نظر أحادية قد يزيد الأمر تعقيدا ويشعل النار بدلا عن إخمادها وبالطبع يكون غرض الكاتب غالبا هو الحصول على الشهرة والعائد المادي
وهنا يكمن الفرق بين أدب جيل الرواد وجيل الكتاب الحاليين الفارق بين من يكتب للإرتقاء بالذوق العام ومن يكتب لإرضاء الذوق العام، من يكتب للأدب ومن يكتب لجني المال والشهرةبإستثناء عدد معقول من كتاب اليوم مازالوا يحتفظون بالأساليب الكلاسيكية للرواية العربية وتأثرهم بكتاب الغرب كان إيجابيا وأضاف إثراء واضح لأعمالهم، ولم يجرفهم بعد تيار الكتابات البهلوانية

أتفق ،مقال ثري واضح
ردحذف