الصفحات

الخميس، 31 أكتوبر 2019

الحب رزق .. قصة قصيرة .. جيهان عجلان




جيهان عجلان



    كلما بالغ هو فى معاملتها بقسوة ، قابلت قسوته برفق وطيب كانت تحبه كثيرا منذ الطفولة ، فهو أبن عمها الذي تزوجها رغما عنه ؛ لأن أبيه أرغمه على ذلك معللا أنها بنت عمه وهو أولى بها من الغريب ،ووفاء لعمه الكبير الذى كان بمثابة الأب له وكانت تكبره بخمس أعوام ، وأخبر أبيه أنه من المستحيل أن يتزوجها ،فهي أكبر منه سنا وهو أيضا لا يحبها ، وقد باءت كل محاولاته بالفشل وأصر أبيه أن يتزوجها ، وفي أول يوم لهم أخبرها أنه تزوجها لرغبة أبيه وعليها أن تعلم أنها هنا بمثابة أخته وهى زوجته أمام أهله والناس فقط  ؛ اثرت فى نفسها كسر قلبها وفقد فرحتها بليلة عمرها ، مر اليوم وهي بحجرة وهو بأخرى ، جاء الأهل بالصباح ،ظن أنها ستقابلهم واجمة الوجه حزينة الملامح ، لكنها لملمت الحزن ودسته في خزانة الروح واغلقت عليه وقابلتهم بكل فرح وسرور تدَّعي السعادة التى حرمت منها كأي عروس بيوم عرسها ، كان ينظر اليها متعجبا فقد كان يظن أنها ستخبر أهلها بما حدث وتكون فرصة ليطلقها لكنها أثرته بعض الشئ بهذا التصرف ، لكنه ظل على موقفه منها  وقتا طويلا مرت الأيام وتزداد قسوته يريدها أن تطلب الطلاق، فكلما تحدثت إليه ينهرها ويقلل من شأنها وهى تنسحب صامتة متحجرة الدمع تغلق باب حجرتها على أحزانها جالسة على أريكتها يدر الدمع المتحجر من مقلتيها مدارا تحتضن كتاب الله  تالية آياته ؛ ليطيب كلام الله خاطرها ، تسمعه من الخارج ينادي ليلى تهرول إليه وكأنه يشدها من وريد النبض مجففة دموعها حتى لا يعلم أنها كانت تبكي   يقول لها أعدِّى لى فنجانا من القهوة السادة تخبره أن الوقت متأخر وعليه أن ينام حتى يستطيع أن يستيقظ مبكرا ؛ليذهب الى عمله وهو يقظ  ؛ لأن القهوة سوف تجعله لا يستطيع النوم صرخ فيها وأخبرها أن تفعل ما يريد ولا شأن لها به ، أعدت القهوة ،ثم دخلت حجرتها تصلي صلاة الليل ساجدة تدعو الله له بالهدى وأن يهديه الله لقلبها ، وتقول يا من جعلت الحب رزق ارزقني حب زوجي كما ملئت قلبي بحبه ،لم تقسو عليه لم تتفوه بدعاء عليه ، بل كانت تدعو له آناء الليل والنهار ، مرت شهور كثيرة على هذا الحال وهي صابرة ،لم تمل من دعاء ربه بالهدى له ، وهو حاله يزيد قسوة فى معاملتها، جاء اليوم واستجابت السماء لدعائها بعدما عاد من عمله أحدث معها شجار على سبب تافه وصفعها على وجهه بسببه نظرت إليه نظرة قسمته  نصفين أذهلته والجمت لسانه ،وانسحبت بلا أى ردة فعل ولم تنطق حرف واحد ،دخلت الى المطبخ ؛ لتحضر له طعام الغداء التى كانت تتفنن في إعداده طول الوقت الطعام الذى يفضله ،  وضعت الطعام وجلست  ؛لتأكل معه فهي لم تتركه بمائدة الطعام يوما لوحده ، فقال لها أنا آسف سامحني لم أقصد ما فعلته كان رغما عني كان اليوم بالشغل صعب جدا ،قالت له لا عليك  ربنا يعينك ويرزقك ثم توجه بعد الغداء لحجرته ؛ لينام بعض الوقت حتى يرتاح من عناء عمله ، وذهبت هي ترتب المنزل والمطبخ بعد الغداء،ثم دخلت حجرتها وصلت المغرب وجلست تتلو القرآن ،واستيقظ هو طالبا  منها فنجانا من القهوة أعدته له ،ثم جلست معه أمام التليفزيون ؛ليشاهدا أحد البرامج المفضلة لديه فقالت له: فى فيلم جميل على قناة أخرى تعالى نشاهده ،قال لها فيلم إيه وزفت إيه وهو أنتي ما بتملي من مشاهدة الأفلام طول اليوم  ، أثرت إحراجها  والتزمت الصمت طوال الوقت تشاهد معه البرنامج السياسي ، ثم دخل حجرته؛ لينام  وقامت هي متوجهة إلي حجرتها ؛ لتنام هى الاخرى هرب منها النوم قتلها الفكر تتسأل لماذا يكرهني كل هذا الكره وأحبه كل هذا الحب  لماذا لا أستطيع أن أكرهه  ؟ ترد على نفسه وكيف لى وقلبي يدق بحبه وروحي تنبض به يجافيها النوم  ، وهو غارق في نومه  لا يشعر بآنين قلبها وكيف له أن يشعر وهو مغلق القلب تجاه حبها الجارف وودها وطيب عشرتها ،لم تمل هي من الدعاء لربها ، فقد كانت على يقين أن الله سيستجيب لها ،قامت من سهدها ؛لتفرش سجادة الصلاة وتناجى ربها تغرق فى بحر دمعها وهى تجهش بالبكاء داعية له بكل الخير وتقول :اللهم ارزقني رضاك فيه وألن قلبه واجعل لى نصيب من قلبه، وتخبر الله بصوت أرهقه الدمع الجارف من عينيها إنها تحبه أكثر من نفسها  والله يعلم حال قلبها دون أن تنطق ،استيقظ هو فى ذلك الوقت المتأخر ؛ليرتوي من عطشه ، فانتبه لصوت بكائها الذي غلبها رغما عنها ،فذهب لحجرتها ؛ليعرف ماذا بها وجدها ساجدة على الأرض تدعو الله له وتناجيه بكلام سمع كل هذا وكأن سكين شجت صدره وهو يقول في صمت  كيف لها أن تحبه كل هذا الحب وهو قاسي معها كل هذه القسوة كيف لها لا تدعو الله أن ينتقم منه وقف أكثر من ربع ساعة وهى ساجدة تذكره عند الله بدعاء الخير وكأن سهم عشق من السماء أصاب قلبه بحبها ويدر الدمع من عينيه ندما على ما فعل وما كان يفعل بها جلس بجوراها على الأرض رفع رأسها وضمها بأضلعه وهو يقول اللهم أغفر لى قسوتي والحمد لك على نعمتك العظيمة أخبرها أنه يحبها الآن وكأن حبها خلق بقلبه من ألف عام رجاها أن تغفر له عذاب كل هذه الأشهر وأنها من اليوم حبيبته وزوجته بل وابنته وسيعوضها عن كل هذه القسوة بأجمل أيام العمر سجدت لله شاكرة ،وقالت إن الله يهدى من يشاء وإنه والله لهدى الله كانت بداية السعادة وأجمل أيام العمر التى أثمرت عن زهرات الحب ،وباتت ليلى له بكل نساء الأرض .

الحب رزق
رفيف العشق
Ĝèĥan Ąĝĺan#

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق