حلم
ماجدولين أحمد صالح
قضم الزّمن أوردتها الدّافئة، ولم تبق سوى تلك الزّهرة المتفتّحة الأكمام، كلّما بلّلها مطر الكآبة فاح عبيرها.
سبع سنوات مضت على التّخرج، وهبة تهدل بصمت، فلا مفرّ من واقعها المرير الّذي تحطّمت آماله من صفعات الحياة.
عيناها المكلّلتان بالهالات السّوداء تجسّدان حكاية شقائها، قذفتها الحياة من رحمها طفرة غربية تمثّلت في مُجسّم بشريّ ذي بشرة سمراء داكنة، ووجه متطاول ينتهي بذقن مثلثيّ، فيما يلتف شعرها الجافّ الخالي من الحيوية حول خصرها الثخين، لم تكتفِ الطبيعة بنتاجها هذا، بل أضافت لها الحرب عطباً بيدها اليسرى... لكن طموحها المثير كان يطفو فوق سطح ذاتها ليزين ثغرها المبتسم.
جاء شتاء 2014 قارساً بسحبه السوداء الحبلى بمطر الأسى والحزن، حاملاً بجعبته صوره الخريفيّة الباهتة، والكثير من الخيبة ورفات وطن.
رنّ جرس المنبّه معلناً السّابعة والنصف صباحاً، فتحت عينيها بصعوبة، فملك النوم ما زال يدغدغ ذاكرتها، ولم تنم ليلتها جيدا، نهضت من سريرها، وجهّزت نفسها ثم تناولت فطورها، وخرجت لتحضر حاجيات المنزل تحمل في حقيبتها بعض الأوراق الّلازمة... ربما يحالفها الحظّ وتربح ورقة يانصيب الحلم التي احتضنتها طويلاً، امتطت الباص المتّجه إلى المدينة وبينما كانت تتصفح إحدى الجرائد اليومية أغرى عينيها إعلان:
تعلن شركة تجارية عن حاجتها لموظفين في الاختصاصات التالية: تجارة - اقتصاد...
دوّنت العنوان والرقم في مذكرة هاتفها ،حملها حلمها الزاهي إلى عالمها الحقيقيّ، خُيّل لها أنّها ربحت الجائزة، وتُوجّت ملكة، واشترت هدايا جميلة لإخوتها الصّغار.
استيقظت على صوت السّائق قائلاً: لقد وصلنا للموقف الأخير...ترجّلت من الباص، لم تعِ كيف قادتها أقدامها إلى الشّركة بعد أن ملأت الاستمارة، جلست في القاعة تنتظر دورها، مضى وقت الانتظار سريعاً، دخلت واثقة من قدراتها لتعرض كفاءاتها بكلّ اعتداد بالنّفس.
كانت مؤمنة أنها ستحظى بهذه الفرصة الثريّة، لكنها لا تدري إذا ما كانت تدنو من لحظة هاربة من نور الفجر فيخذلها بعد ذلك القدر، أو ربّما شكلها لا ينسجم مع خيارهم المنشود، بالرّغم من توافرِ كفاءاتها... ردّوا عليها بأنّهم سيتصلون بها في أقرب وقت حين يدرسون مؤهّلاتها.
.......
ماجدولين احمد صالح/سورية
القصة جميلة بفكرة يعاني منها أكثر الشباب العربي بدأت بجمل بلاغية تعبيرية رائعة دمت بخير
ردحذف